مانفْعُ التقنية إذا لم تكن بالنهاية فوائدها تعود على الجنس البشري بضمان لإستمراريته؟ وليس بأي شكل، بل إستمراريته بشكلٍ صحّي خالي من الأمراض. كلمتان مفتاحيتان هنا، العلم والصحة، فبهما يضمن الجنس البشري إستمراريته إلى ماشاء الله. ولرؤية ذلك يجب علينا كمتابعين للتطور التقني عدم إغفال دور مهم لهذه التقنية في مجال العلم والصحة، وأن لا ننظر لها من منظور ضيق حدوده الهواتف الذكية والشبكات الإجتماعية.
فقد قام العلماء في معهد Harvard’s Wyss للهندسة الحيوية بإعادة تكوين مايعرف بـ Pulmonary edema وهي مشكلة صحية دارجة عبارة عن تجمع للسوائل داخل الرئة. قاموا بتكوينها هذه المرة داخل رقاقة إلكترونية تشابه في تخطيطها وتصميمها -وليس الشكل بالتحديد- مايحدث داخل الرئة الحقيقة للإنسان، بعد تصنيع هذه الرقاقة قام الفريق بتبطينها بأنسجة بشرية حقيقة. ولتقليد مايحدث داخل الرئة الحقيقة فقد قام الفريق بتحديد مكان لدخول الهواء من جهة، ومن الجهة الآخرى يكون هناك سائل مخلوط بخلايا الدم البيضاء (الخلايا الدفاعية) لكي يسري داخل الرقاقة تماماً كمايحدث في الأوعية الدموية الرئوية. وأظهرت الدراسة السابقة أن خلايا الدم البيضاء ستهاجم أي بكتيريا تتعرض لها الرئة كما هو موضح في الفيديو:
مع هذه الرقاقة أصبح العلماء بإستطاعتهم أن يقومو بأبحاث لايمكن أن يقومو بها على إنسان حي. فتخيل أن يقوم العلماء أو الأطباء بتكوين تجمع سائل رئوي عمداً لشخص ما؟! حتماً ذلك لن يكون مقبولاً ولا أخلاقياً وخطيراً على الشخص. ولكن مع هذه الرقاقات وجد العلماء باباً جديداً كلياً لتجربة مايخطر على بالهم من أسئلة تستدعي عمل بحث في تطبيقه خطورة على البشر. ولكن هناك مشكلة بسيطة، ألا وهي أن الأعضاء في جسم الإنسان لاتعمل وحدها. بل هي في تكامل دائم مع بعضها البعض. فـ “إذا أشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” حديث الرسول صلى الله عليه وسلم. مما يستدعي الفريق إلى بناء رقاقة تقلد مايقوم به جسم الإنسان بالكامل. لكي تبين لهم ما إذا قامو بعلاج الرئة هل سيحدث خلل في الكلى مثلاً؟ ولقد قامو حالياً بصنع رقاقة للكلية، القلب، الرئة، الأوعية الدموية، وأعضاء من الجهاز الهضمي، ممايعني أن عليهم الآن تجميعها فقط.
أنا لا أعتقد أن هناك مايمكن تقليد مايحدث في جسم الإنسان تماماً، وإن كان هناك فلن يكون صغيراً بحجم رقاقة إلكترونية، بل سيكون كبيراً مقارنة بالعضو البشري. والمثال على ذلك واقعي. وهو جهاز الغسيل الكلوي مقارنةً بحجم الكلية الفعلية. ومع ذلك يمكن لهذا الجهاز الضخم أن يحدث مشاكل لا تحدثها الكلية الأصغر منه حجماً. سبحان الله.
إرسال تعليق